رواية " اختي لم تمت " كاملة جميع الفصول بقلم ليلي حمدي
وفي صباح اليوم التالي أيقظتني طفلة في الثانية عشر من العمر..، أيقظتني وهي تمسك بيدها الرقيقة فطيرةً ساخنة موضوعةً في كيسٍ ورقي لتقول لي بصوتها العذب: خذ هذه الفطيرة من أجلك..، لا أعلم لما ابتسم ثغري رغم المهاجس التي مررت بها في الأيام السابقة..، ربما كنت أضحك لظنها أنني أحد مشردي المدينة..
اعتدلتُ في مجلسي ثم أخذت منها تلك الفطيرة وأنا أرمقها بابتسامة لطيفة..، ثم دعوتها للمكوث بجانبي ريثما اتناول الفطيرة..
جلست تلك الطفلة بجانبي وسألتني قائلة: لماذا تناm في الحديقة ألا تملك منزلًا تحتمي به من برد الشتاء..
لست أدري لِم كان الصمت جوابي عن استفسارها البريء ذاك..
ولست أدري السبب الذي جعلني أشعر بالدفء وهي بجانبي إلا أنني كنت أردد في أعماقي بأن هذه الطفلة هي رمزٌ من رموز الخير في هذه المدينة..
خرجت عن صمتي بسؤال يشبه سؤال الطفلة فقلت لها: وهل تمتلكين أنتِ منزلًا..، فأجابتني بصوتها الطفولي العذب: نعم لدي منزل جميل يقع في منتصف المدينة..
لا أعلم لما ارتاح قلبي لتلك الطفلة فكنت أنظر إليها والى معطفها ذو القبعة الصوفية التي تكاد تخفي ملامح وجهها العذبة وأسألها عن منزلها الذي يبعد اميالًا عن هذا المكان..
لكني حين سألتها عن سبب خروجها من المنزل في هذا الوقت الباكر قالت: خرجت أبحث عن عائلتي..!
في هذه اللحظة بالذات اجتاحني الخوف والاستغراب..، لكني لم أظهر خوفي أمامها إنما تابعت معها سائلًا: وأين هي عائلتك أيتها الطفلة..؟
فأجابتني بشيء من البرود الممزوg بالحقد لقد تركوني وهاجروا من البلدة..
وضعت يدي على قبعة الطفلة ونزعتها عنها وكانت صدمتي حين رأيت أختي الصغيرة التي قُتلت منذ أكثر من ثلاثة عشر سنة..
ثم بدأتُ أجوب المدينة بحثًا عن تفسير لكل ما يحدث..،
وصلت الى الشارع الرئيسي الذي كان مكتظًا بالناس..، كنت أبحث عن أي شي يخرجني من تلك الأجواء الشيطانية ولكنني بعد بحثٍ لا جدوى منه وقعتُ يائسًا أبكي على حافة الطريق بين المارة..، وما أقسى المارة حين لا يكترثون لمجنونٍ مثلي..